جاري التحميل الآن

انترنت الأشياء.. هكذا تضع العالم في راحة يدك

إنترنت الأشياء

انترنت الأشياء.. هكذا تضع العالم في راحة يدك

بعيداً عن الشرح المعقد والمصطلحات التقنية التي قد نجدها في حال بحثنا عن “انترنت الأشياء” في جوجل، ومن دون الغوص في التفاصيل الدقيقة التي قد تجعلكم تغلقون هذه الصفحة وتنتقلون إلى مقال آخر – وربما للأسف موقع آخر- نقدم لكم شرحاً مبسطاً يساعدكم على فهم المصطلح الوافد الجديد إلى عالم التقنية، ليكون مدخلاً ومقدمة في حال أردتم التعمق في عالم “انترنت الأشياء” الذي يحيط بنا من كل جانب، وربما دون أن ندري.

أنتم الآن تقرأون هذا المقال من خلال جهاز كمبيوتر متصل بالإنترنت، أو غالباً من خلال هواتفكم الذكية، ربما تستخدمون أيضاً جهازاً لوحياً، بكل الأحوال أنتم تستخدمون بالتأكيد جهازاً متصلاً بالإنترنت.

إذا كان أحدكم يبلغ من العمر ما يكفي، فربما استخدم الهاتف المحمول في بداياته، حيث كان مقتصراً على المكالمات الهاتفية والرسائل القصيرة، الآن أنتم تتصفحون الإنترنت، تستمعون إلى الأغاني، تشاهدون الأفلام، تقرأون الكتب، تتواصلون بالصوت والصورة مع أي شخص، تتشاركون مع الآخرين في لعبة فيديو، كل هذا من خلال جهاز تحملونه في راحة اليد، وهو جزء مما يمكن أن تقوم به هواتفكم الذكية.

إذن هناك أشياء كثيرة يمكن القيام بها بمجرد وصل أشياء مثل جهاز الكمبيوتر أو الجهاز اللوحي أو الهاتف المحمول مع الانترنت، ولكن هل ينطبق هذا على كل شيء؟ نعم، بكل بساطة يمكنكم ربط كل شيء مع الإنترنت.

إن إنترنت الأشياء Internet of Things في الواقع مفهوم بسيط للغاية، فهو يعني ربط جميع الأشياء في العالم بالإنترنت.

لماذا إنترنت الأشياء؟

عندما يكون هناك شيء متصل بالإنترنت، فهذا يعني أن بإمكانه إرسال المعلومات أو تلقي المعلومات، أو القيام بكليهما. هذه القدرة على إرسال و / أو تلقي المعلومات تجعل الأشياء ذكية، والذكاء بكل تأكيد أمر رائع.

دعونا نعود إلى مثال الهواتف الذكية مرة أخرى، يمكنكم الاستماع إلى أية أغنية في العالم تقريباً من خلال هواتفكم الذكية، ليس لأن هواتفكم تحتوي على كل أغنية في العالم مخزنة عليها، لكن لأن كل أغنية في العالم يتم تخزينها في مكان آخر، بإمكان الهاتف الذكي إرسال معلومات (طلب تلك الأغنية) ثم تلقي المعلومات (تدفق تلك الأغنية على هاتفك) من خلال اتصاله بشبكة الانترنت.

لا يحتاج الأمر إلى تخزين فائق أو كمبيوتر فائق بداخله، كل ما يجب القيام به هو الاتصال عن بعد بسحابة التخزين الفائق أو بجهاز كمبيوتر فائق، هكذا تبسط شبكة الانترنت حياتنا.

في إنترنت الأشياء، يمكننا تصنيف جميع الأشياء التي تتصل بالإنترنت في ثلاث فئات:

  • الأشياء التي تجمع المعلومات ثم ترسلها.
  • الأشياء التي تتلقى معلومات ثم تعمل عليها.
  • الأشياء التي ترسل وتتلقى المعلومات على حد سواء.

يتم جمع وإرسال المعلومات من خلال أجهزة الاستشعار، يمكن أن تكون أجهزة الاستشعار حساسات لدرجة الحرارة، أو الرطوبة، أو نوعية الهواء، أو الضوء، أو أجهزة استشعار الحركة، وغيرها الكثير، تتيح لنا هذه المستشعرات، جنباً إلى جنب مع الاتصال، جمع المعلومات تلقائياً من البيئة المحيطة والتي تتيح لنا بدورنا اتخاذ قرارات أكثر ذكاءً.

في المزرعة على سبيل المثال، يؤدي الحصول على معلومات تلقائية حول رطوبة التربة وإرسالها مباشرة عن طريق الانترنت إلى الهواتف الذكية، إلى إخبار المزارعين متى تحتاج المزرعة إلى الري بشكل دقيق، بدلاً من الري أكثر من اللازم وتحمل أعباء إضافية نتيجة الهدر، أو الري القليل جداً والذي يمكن أن يسبب خسارة مكلفة في المحاصيل، يمكن للمزارع ضمان حصول المحاصيل على الكمية المناسبة من الماء تماماً، وهذا سيوفر المزيد من المال للمزارعين والمزيد من الطعام للعالم!

أما تلقي المعلومات والعمل عليها فجميعنا بلا شك على دراية كافية بالآلات والأجهزة التي تتلقى المعلومات ثم تتصرف بناء عليها، يمكن للطابعة ثلاثية الابعاد الموجودة في مكان بعيد تلقي معلومات النموذج عن طريق الإنترنت وطباعتها، كذلك يمكن تشغيل آلات طباعة الصحف ومختلف الآلات الصناعية عن بعد من خلال الإنترنت، هذا الأمر مألوف للغاية ولا جديد في ذلك، فأين تكمن قوة إنترنت الأشياء؟

في الحقيقة تنشأ القوة الحقيقية لإنترنت الأشياء عندما يمكن لهذه الأشياء القيام بكل مما ذكر أعلاه، أي جمع وإرسال المعلومات، وتلقي وتنفيذ المهام في آن واحد.

دعونا نعود بسرعة إلى مثال المزرعة، يمكن لأجهزة الاستشعار جمع معلومات حول رطوبة التربة لإخبار المزارع عن مقدار ري المحاصيل، لكننا لا نحتاج إلى المزارع في الواقع. بدلاً من ذلك، يمكن تشغيل نظام الري تلقائياً حسب الحاجة، استناداً إلى مقدار الرطوبة الموجود في التربة.

أيضاً، إذا كان نظام الري يتلقى معلومات حول الطقس من خلال اتصاله بالإنترنت، فيمكنه معرفة وقت هطول الأمطار ويقرر عدم سقاية المحاصيل اليوم لأنه سيتم سقيها بالمطر على أية حال.

هل يتوقف الأمر عند هذا الحد! لا، حيث يمكن جمع كل هذه المعلومات حول رطوبة التربة، ونظام ري المحاصيل، ومدى جودة المحاصيل وإرسالها إلى أجهزة الكمبيوتر العملاقة التي تدير خوارزميات مذهلة يمكن أن تفهم كل هذه المعلومات.

إضافة لذلك هناك أجهزة استشعار أخرى تستشعر الضوء وجودة الهواء ودرجة الحرارة، ويمكن لهذه الخوارزميات أن تتعلم الكثير من خلال العشرات والمئات والآلاف من المزارع التي تجمع كل هذه المعلومات، يمكن لهذه الخوارزميات أن تخلق رؤى مدهشة حول كيفية جعل المحاصيل تنمو بشكل أفضل، مما يساعد على تأمين الغذاء لسكان العالم المتزايدين.

يمكن أيضاً التحكم بحركة السير عن طريق إشارات مرور متصلة بمراكز بيانات ضخمة، تقوم بإرسال معلومات عن كثافة السير لاتخاذ إجراءات فورية بفتح وإغلاق شوارع محددة، عدا عن استخدام هذه البيانات وتحليلها للبحث عن حلول أفضل عند تطوير المدن الحالية والتخطيط لمدن جديدة.

كما سيساعد انترنت الأشياء القطاع الصحي في مراقبة المرضى واستقبال العلامات الحيوية مثل الضغط ونسبة السكر ودرجة الحرارة وسرعة ضربات القلب من المرضى عن بعد، وتخزينها في مراكز البيانات، بحيث يتم تحليلها بهدف الكشف المبكر عن الأمراض، والتصرف في الوقت المناسب، أما على المدى البعيد فسوف تساعد هذه البيانات التي يتم جمعها بسرعة قياسية، في تحقيق قفزات كبرى في العلم والطب، وتحسين الصحة على المستوى العالمي.

ولعل الأكثر تشويقاً وإثارة أن تتحول منازلنا إلى منازل ذكية، يمكن التحكم بها من خلال انترنت الأشياء، بحيث نراقب جميع الأجهزة في المنزل من خلال تطبيقات متصلة بالإنترنت، تتلقى الإشارات من هذه الأجهزة وتستقبل أوامر التشغيل أو تتصرف بمفردها بناء على معطيات سابقة.

حياة ذكية سنعيشها في وقت قريب ستجعلنا نتحكم بالكثير من الأشياء وننجز أعمالنا بشكل كامل من خلال أجهزة نحملها في جيوبنا، فما كان جزءاً من أفلام الخيال العلمي أصبح واقعاً قريباً من الجميع.

زاهر هاشم

Share this content:

إرسال التعليق